يحيى محمد
تطورات نشوء فكرة الكون الجرثومي
كانت الفكرة السائدة خلال القرن العشرين وحتى مطلع الستينات ان الغبار بين النجوم هو حقل قاحل لا يحمل علامات الحاجة للبحث، وانه ليس له تأثير سوى اعاقة رصد النجوم البعيدة، وهو من هذه الناحية يشكل مصدر ازعاج لعلماء الفلك.
مع هذا بدأت اهمية هذا الغبار تتكشف شيئاً فشيئاً بالتدريج عبر نظرية الكون الجرثومي. وكانت الخطوة الاولى تعود الى عام 1961 عندما قام ويكراماسينج بتحديد هوية هذا الغبار؛ فاعتقد انه يتكون من ماء جليدي مختلط ببعض الشوائب مثل الامونيا والميثان والمعادن. وبعد ذلك بعام نفى ان تكون حبيبات الغبار مصنوعة من الماء الجليدي، بل من الكاربون على غرار جزيئات السخام المرتفعة من حريق الحطب الى المدخنة. وهو ما يعني ضرورة ان تتكون هذه الحبيبات في درجات حرارية مرتفعة، وان لها القابلية على البقاء في المناطق الحارة جداً بين النجوم.
وفي مؤتمر لعام 1965 دافع ويكراماسينج عن نموذج حبيبات الجرافيت الكاربوني الذي اقترحه بالاشتراك مع هويل ضد فرضية جزيئات الجليد التي ضعف الاعتقاد بها في ذلك الوقت. وكان علماء الفلك الحاضرون على دراية بعمله المشار اليه، والكثير منهم تعاطف مع هذه الفكرة الجديدة.
اما في عام 1974 فقد تطورت فكرة ويكراماسينج من غبار الجرافيت الى حبيبات مصنوعة من مواد عضوية هي البوليمرات، ومن بعدها البوليمرات المعقدة الحيوية، كالسكريات المتعددة، واشار الى انها موجودة في كل مكان من مجرتنا، ولها متوسط حجم مماثل للبكتيريا، كما لها متوسط معامل انكسار مماثل لما تتصف به البكتيريا المجففة بالتجميد. وقد نشر مقالة بهذا الخصوص في مجلة الطبيعة ضمّنها اولى التنبؤات المتعلقة بانتشار البوليمرات العضوية في المجرة. ولحسن الحظ انها صادفت اول دعم لها في ذات السنة التي نُشرت فيها؛ عبر مقارنة انبعاث الاشعة تحت الحمراء، القادم من بعض السدم في المجرة، بغبار احد المركبات العضوية، وهو متعدد الفورمالديهيد المسخن الى 300 كلفن.
ثم بعد ذلك بسنوات قليلة تطورت الفكرة الى الاعتقاد بوجود الحبيبات البكتيرية المجففة بالتجميد بين النجوم. وهذا ما ظهر في كتاب (اصل الحياة في الكون) عام 1978، وهو اول عمل مشترك يجمع بين ويكراماسينج وهويل. كما انه العمل الاول الذي تأسست فيه نظرية الكون الجرثومي، وبقيت الفكرة راسخة ضمن الكثير من الاعمال الفردية والمشتركة بين الرجلين.
وفي ذلك الوقت كانت المؤسسة العلمية تعتبر فكرة الغبار العضوي ليست من العلم بشيء. لكن مع بداية القرن الواحد والعشرين لم ترد أدنى معارضة للرأي القائل بأن الجزء الأكبر من الغبار بين النجوم هو عضوي، مثلما اشار اليه ويكراماسينج.
لقد كان من بين الاكتشافات المتعلقة بالغبار بين النجوم هو تميز حبيباته باحجام مماثلة لما في البكتيريا المجوفة والجافة بالتجميد، كما في مركز مجرتنا درب التبانة. فبحسب تحليل طيف الاشعة تحت الحمراء تبين ان حوالي (25-30%) من كل الكاربون الموجود بين نجوم مجرتنا يبدو على شكل حبيبات الغبار الجرثومي؛ وهو ملحوظ في مرمى البصر عند النجم العملاق في المركز، والمسمى (GCIR 7). اذ لا يمكن تمييز هذه الحبيبات طيفياً عن البكتيريا المجوفة الجافة. وسبق ان تم الابلاغ عن اول كشف مؤقت في هذه المنطقة يتعلق بالاحماض الامينية بين النجوم، مثل الجلايسين، وهو ابسط الاحماض التي يتكون منها البروتين.
كما من بين النتائج المثيرة حول هذا الغبار الحيوي، هو اعتقاد هويل وويكراماسينج بان بعض انواع البكتيريا الموجودة داخل اغلفة باطوال محددة ومنتشرة في الفضاء، كغبار ومستعمرات، قد تشكل مصدراً حقيقياً لما يصلنا من اشعاع الخلفية المايكروي (Microwave Background)، اذ تقوم بتحويل ضوء النجوم إلى موجات راديوية. ومن حيث التفصيل، ان اشعاع الخلفية كان الحصيلة النهائية للصيرورة الحرارية للطاقة الناتجة عن تحوّل الهيدروجين إلى هيليوم في النجوم، حيث تتحول طاقة ضوء النجوم أولاً إلى الأشعة تحت الحمراء بواسطة الغبار العادي او الطبيعي في المجرات، ثم بعد ذلك تتحلل الأشعة تحت الحمراء بدورها إلى موجات راديوية عبر ما تقوم به بعض انواع البكتيريا، كشعيرات حديدية بطول مليمتر، من امتصاص هذه الاشعة واعادة انبعاثها من جديد. لذلك اشار هويل إلى انه يبدو من الخيال أن نقترح أن الكائنات الحية الدقيقة هي المسؤولة عن هذه الخلفية.
ويعتبر الاشعاع المشار اليه اهم دليل احتج به دعاة نظرية الانفجار العظيم والتوسع الكوني. لكن ما يدعم اعتقاد نظرية الكون الجرثومي هو انه في عام 2014 تم اكتشاف ان ما يصلنا من اشعاع الخلفية الكونية هو نتاج الغبار الذي يلاقيه هذا الاشعاع عند مروره داخل مجرتنا.
وبحسب نظرية الكون الجرثومي، ان الغبار الحيوي قد تم نقله الينا عبر المذنبات. وتمتاز الاخيرة بانها صغيرة الكتلة نسبياً مقارنة ببقية الاجسام الفلكية، وتتحرك في نظامنا الشمسي بمدارات إهليلجية حول الشمس، وبعضها قصيرة المدى، فيما البعض الاخر طويلة، وهي تمتلك هياكل داخلية هشة نسبياً؛ ما يجعلها تتفكك بشكل متقطع الى العديد من الشظايا. ويوجد حوالي 100 مليار جسم مذنب في نظامنا الشمسي ما زالت تحيط بالكواكب كقشرة عملاقة، وهي أجسام متبقية من تكوين أورانوس ونبتون. كما ان كتلتها تعادل حوالي 1029 غراماً، وان مجرتنا قد تحتوي على كتلة تقارب 1040 غراماً. وهي عندما تتشكل فستشتمل على جزيئات بكتيرية منتشرة بين النجوم، وتحتوي على نوى سائلة بسبب مصادر الحرارة المشعة، وفي غضون فترة وجيزة ستؤدي المضاعفات المتسلسلة للكائنات الحية الدقيقة القابلة للحياة إلى تحويل جزء كبير من قلب المذنبات إلى مادة حيوية، وتصاب هذه المادة بالتجمد ولا يبدأ إطلاقها الا عندما يتم تسخينها، كما في النظام الشمسي الداخلي.
لقد اعتبرت نظرية الكون الجرثومي ان المذنبات هي مصدر الحياة للكائنات المجهرية من البكتيريا والفطريات الدقيقة. وعادة ما تكون هذه الكائنات في المذنبات مجمدة، وتصل حالة التجمد الى اقل من 50 درجة كلفن، فيما يحدث الانصهار عند الاقتراب من الشمس عند الحضيض. وخلال هذه العملية يمكن للبكتيريا والكائنات الدقيقة ان تصل إلى الكواكب الداخلية، والتي قد تنبت فيها الحياة، فيما يتم طرد بعضها للعودة ثانية إلى الفضاء بين النجوم.
ويُقدّر حوالي 100 طن متري من حطام المذنبات للغلاف الجوي يدخل الى الارض يومياً، وجزء كبير منه عضوي، وينجو منه القليل من البكتيريا والفايروسات، ويقدر الناجي منها بحوالي 0.1 طن يوميًا قابلاً للحياة. ولو كان الناجي عبارة عن بكتيريا فستعادل (1021) تقريباً، اما لو كان جميعها جزيئات فايروسية فستبلغ حوالي (1024).
وبحسب هذه النظرية شهدت الارض قبل حوالي 4.5 مليار سنة قصفاً عنيفاً للمذنبات والكويكبات الصغيرة، فتحولت المواد المتطايرة مثل الماء وثاني اوكسيد الكاربون لتشكيل المحيطات والغلاف الجوي، وهو ما جعلها مكاناً مناسباً للحياة. فاقدم دليل على الحياة الارضية يتزامن تقريبًا مع اللحظة التي تضاءل فيها القصف المذنبي، وهو بحسب ويكراماسينج يقع بين 3.83 و 4 مليارات سنة. وسبق له ان قدّر بداية الحياة منذ حوالي (4.3-3.8) مليار سنة، حيث شهدت الارض خلالها قصفاً عنيفاً بالمذنبات والكويكبات الصغيرة.
وعموماً ان المذنبات وفق هذه النظرية هي من غذّت الارض بالحياة منذ حوالي اربعة مليارات سنة، اي قبل التحديد الرسمي لبدايتها على الارض باكثر من نصف مليار عام.
أدلة الفضاء الحيوي
بداية نتساءل: هل تمتلك نظرية الكون الجرثومي ادلة كافية على وجود كائنات مجهرية في الفضاء؟ وعلى فرض وجودها كيف تمكنت من الوصول الى الارض رغم وجود مخاطر الاشعة المدمرة كالتي حذر منها كريك، واستبدلها بفكرة النقل الموجه من قبل اذكياء فضائيين عبر مركبات غير مأهولة؟ كذلك ما هو مبرر نقل مشكلة نشأة الحياة من الارض الى الفضاء؟ وكيف تولدت هناك؟
ومن حيث التفصيل، اصبح من المؤكد انه لا يوجد خلاف بين العلماء على وجود مواد عضوية في الفضاء، فقد ثبت انها موجودة في السحب المنتشرة، وفي أغلفة النجوم المتطورة، وفي مناطق تشكل النجوم الكثيفة، وفي أقراص الكواكب الأولية، وفي المذنبات، وعلى أسطح الكواكب الصغيرة، وفي النيازك وجزيئات الغبار بين الكواكب. ويكفي وجود مواد كيميائية تحتوي على روابط الكربون والهيدروجين لتشكل هذه المواد، وقد تشتمل أيضًا على الأوكسجين والنايتروجين وعناصر أخرى. ورغم ان هذه الجزيئات شائعة في الحياة، لكن من الممكن انتاجها بوسائل غير حيوية. فالعثور عليها شيء، واثبات وجود الحياة الجرثومية شيء اخر، ومن ثم فهي ليست مؤشراً لازماً للحياة. لهذا ما زال الخلاف حول الاخيرة قائماً.
ومنذ نهاية السبعينات وحتى يومنا هذا حاولت نظرية الكون الجرثومي اثبات هذه الحياة الفضائية عبر الكثير من الادلة المعتبرة، مثل دليل الحفريات الخاصة بالنيازك والغبار الكوني والصور الفوتوغرافية للمذنبات واجواء طبقة الستراتوسفير والصور الملتقطة للمريخ ومطر الدم الاحمر وتفشي الفايروسات دفعة واحدة في اماكن متباعدة من العالم، وغير ذلك. وسنستعرض اغلب هذه الادلة قبل الانتقال الى سائر الاسئلة المقدمة اعلاه..
1- دليل الحفريات
ان دعوات وجود حفريات للجراثيم الحية قديمة منذ القرن التاسع عشر؛ كما في بعض النيازك الساقطة في فرنسا عام 1864، وتكرر الاعتقاد بذلك عند لحاظ الكثير من النيازك الساقطة خلال القرن العشرين. وثمة اختلاف بين العلماء ان كان ما يرونه من آثار في النيازك يدل بشكل قاطع على كائنات عضوية ام لا؟
ان اهم النيازك المعنية بهذا الصدد، والتي تمت دراستها بداية ثمانينات القرن الماضي، نيزك مورشيسون الذي سقط في استراليا عام 1969. ففي مطلع الثمانينات قام عالم الكيمياء الفيزيائية هانز ديتر بفلوج Hans Dieter Pflug بدراسة هذا النيزك وقال انه يحتوي على احماض امينية يهيمن عليها الاعسر مثلما هو الحال في الكائنات الحية، كما وجد ما يشبه البكتيريا وهياكل اخرى تشبه الفايروسات التي تسبب الانفلونزا.
وقبل ذلك في عام 1979 نشر بفلوج Pflug ورقة في مجلة الطبيعة تتضمن ادلة على الحفريات الميكروبية في الصخور الرسوبية لدى جنوب غرب جرينلاند التي يرجع تاريخها الى 3800 مليون سنة. فقد اشار الى وجود هياكل على هيئة خلايا متحجرة تحدث حلقة كمستعمرات، وايضاً بشكل فردي في مراحل مختلفة من التبرعم. وفي حالة معينة اشار الى وجود خلية تمتلك نواة، فهي حقيقية تشبه خلية الخميرة. وكان هذا بالطبع مخالفًا للنموذج السائد في علم الأحياء الذي ينص على أن الخلايا ذات النوى جاءت متأخرة كثيراً في عملية التطور البيولوجي على الأرض. وبالتالي فكل ما قدمه كان موضع جدل مستمر، فهناك من رأى ان احافير بفلوج الدقيقة لم تكن حفريات عضوية، وانما هي اثار بلورية. وما زال الجدل يجري على مثل هذا النحو حتى يومنا هذا. وبحسب هويل وويكراماسينج لو صدق هذا الاكتشاف لكان يعني تقديم عمر الحياة بشكل ابكر مما هو معروف وسائد بحوالي 500 مليون سنة. وهو تقليل للوقت المتاح لتطوير اي حساء بدائي وفق النظريات التقليدية. فقد كانت الارض قبل هذه الفترة عرضة لصدمات مذنبة شديدة ، لذلك اعتبرا أحافير بفلوج الدقيقة قد تمثل أول فرصة لنشأة الحياة على الأرض.
مع هذا تبين خلال الالفية الثالثة ان لبعض الحفريات تاريخاً اقدم من تلك العائدة الى بفلوج. فكما ذكر ويكراماسينج انه تم اكتشاف أدلة على أقدم حياة بكتيرية على الأرض مؤخرًا في شكل كريات كاربونية محصورة داخل بلورات الزركون المعدني، والتي ترسبت في الصخور المتشكلة منذ (4.1 إلى 4.2) مليار سنة، وكانت الأرض في ذلك الوقت تقصف بلا هوادة من قبل المذنبات، وهي نفس المذنبات التي أتت بها.
كذلك تم الحصول على الهباء الجوي من عينات طبقة الستراتوسفير التي تحتوي على حصاد غني من غبار المذنبات الكاربوني الأصل. فقد كشفت دراسات المسح بالمجهر الإلكتروني، مع تحديد العناصر الكيميائية، عن أحافير حيوية مفترضة، فهي عبارة عن كرات مجوفة ذات جدران عضوية يبلغ عرضها حوالي 10 ميكرومتر.
ايضاً تم الكشف عن وجود حفريات نيزك جزيرة سريلانكا الذي سقط عام 2012 . وبحسب ويكراماسينج اظهرت صور العينة نطاقاً واسعاً من الهياكل البيولوجية المميزة كحفريات.
وبلا شك ظلت هذه الاكتشافات محل جدل بين اخذ ورد. فمن التفسيرات البديلة للبنى الشبيهة بالحفريات افترض انها حبيبات معدنية اكتسبت طبقات من الجزيئات العضوية عبر بعض العمليات الكيميائية اللاحيوية. فمثلاً انتجت هذه العمليات غير العضوية هياكل خيطية شبيهة بخيوط البكتيريا الزرقاء فاوهمت الباحثين انها حفريات حقيقية.
2- دليل المذنبات
يستند هذا الدليل الى ما تنبأت به نظرية الكون الجرثومي من وجود غبار حيوي لدى المذنبات، وكذلك الفضاء بين النجوم. وقد تم لحاظ وجود خصائص مطابقة لهذه التنبؤات.
فبحسب هذه النظرية انه عندما يقترب المذنب من الشمس خلال مداره تبدأ الحرارة الشمسية في تبخير المادة السطحية، وسرعان ما تبدأ الغازات المحررة المحيطة بالنواة في التوهج ، مما ينتج عنه ذؤابة ضبابية تمتد عادةً إلى نصف مليون كيلومتر، وهو بُعد يتوافق مع حجم الشمس. ويعمل ضوء الاشعة فوق البنفسجية القادم من الشمس مع الغاز المتحرك الى خارج سطحها، وكذلك الغبار المتواجد في ذوابة المذنب، على جعل الاخير يمتط الى ذيل يتراوح طوله من 10 إلى 100 مليون كيلومتر. وغالبًا ما ينقسم هذا الذيل إلى قسمين: رقيق ناعم مصنوع من الغاز، وآخر أوسع منحني مصنوع من الغبار، وهو ما يغلب عليه الحياة. وعندما تتبخر المذنبات بفعل اشعة الشمس فانها تنتج، بالاضافة الى الغاز، ذيلاً من الجزيئات الصغيرة ذات الاحجام المكافئة للاحجام البكتيرية، كالذي تم اكتشافه عام 1981 ضمن اجواء كوكب الزهرة والمشتري وزحل. فالجسيمات في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة لها نفس معامل الانكسار لدى الجراثيم البايولوجية، وكذا تلك الموجودة في الغلاف الجوي لكوكب المشتري هي الاخرى لها معامل الانكسار على شكل القضيب البكتيري. وفي المذنبات ما يدل على وجود الكائنات المجهرية، فكما لوحظ ان الاعداد النسيية للذرات الاربع التي تتألف منها الكائنات الحية (الهايدروجين والكربون والنايتروجين والأوكسجين) هي نفسها تقريباً موجودة في المذنبات. وان هذه الاخيرة تمتلك كمية كبيرة من الماء مثل المحيط الحيوي.
مذنب هالي
يعتبر هالي اول مذنب يخضع لفحص دقيق عام 1986. وقبل ذلك لم ير احد أنوية المذنبات، فما يُرى ذيولها فقط.
وسبق لهويل وويكراماسينج ان اعتقدا بان المذنبات هي مصدر وجود العضويات الحيوية، وهذا ما جعلهما يحددان تنبؤهما بما يتصف به مذنب هالي قبل تصويره وفحصه. وكان المعتقد خلال السبعينات ان المذنبات عبارة عن كتل من الثلج الابيض القذر غير مثير للاهتمام كالذي رسّخه نموذج عالم الفلك الامريكي Fred Lawrence Whipple، في حين توقع الباحثان ان يكون للمذنبات اسطح شديدة السواد اشبه بالفحم المظلم نتيجة التجوية الطويلة الامد مع التفحم الفعال للبوليمرات البايولوجية. فاستناداً الى نموذج المذنب العضوي الخاص بهما انه عندما يغلي الغبار البكتيري سوف يتحول الى جسم اسود شبيه بالفحم، وقد سجلا مثل هذه التوقعات في نسخة اولية بعنوان (بعض التنبؤات حول طبيعة مذنب هالي) بتاريخ 1 مارس 1986، اي قبل (12 يوم) من عرض صور كاميرات مركبة جيوتو للمذنب عندما كانت على بعد حوالي 500 كيلومتر من نواته. في حين توقع المراقبون ان يروا مشهداً ساطعاً لحقل ثلجي على النواة بما يتفق مع نموذج كرة الثلج القذر. وبعد فحص الصور الملتقطة تبين ان نواة المذنب كانت سوداء بشكل مذهل، حتى وصفت بأنها ‹‹أكثر سواداً من الفحم الأسود››، اذ كانت نسبة البياض فيه اقل من (0.01). وكما قال ويكراماسينج: لقد كنا العالمين الوحيدين الذين أجريا تنبؤاً من هذا النوع، وهو توقع جاء نتيجة طبيعية لنموذجنا العضوي للمذنبات. ثم لوحظ فيما بعد وجود مذنبات هي اكثر قتامة من هالي.
لقد كان من بين الملاحظات التي ايدت فرضية هويل وويكراماسينج حول مذنب هالي ما قام به شقيق الاخير دايال ويكراماسينج وديفيد ألين من فحص البيانات المتعلقة بطيف الأشعة تحت الحمراء لغبار مذنب هالي، وذلك ضمن عملهما في التلسكوب الأنجلو-أسترالي يوم 31 مارس من نفس السنة، حيث تبين ان هذا الغبار يتطابق تماماً مع الطيف المختبري للغبار البكتيري الساخن. فمن المفترض ان المذنب كان يطرد الغبار من النوع البكتيري بمعدل مليون طن أو أكثر يومياً عندما تم إجراء هذه الملاحظة.
هكذا اعتبر هويل وويكراماسينج أن ملاحظات هالي قد دحضت نظرية (كرة الثلج القذر) التي وضعها ويبل Whipple، رغم ان النتائج كانت محل جدل ونقاش ان كان ما ظهر يدل على الاوساخ الجرثومية ام لا؟
لكن مع هذا لفت مذنب هالي انتباه الانظار الى التفسير العضوي. وظهرت على اثره اوراق مخصصة في مجلة الطبيعة تهنئ العديد من الباحثين على توقع مذنب عضوي مظلم. فيما بدا الامر بالنسبة للباحثين محزناً، خاصة أن خصمهما القديم مايو جرينبيرج قد تم تقديمه على أنه بطل اليوم، ونسب إليه الفضل وحده في المذنبات العضوية المظلمة، وكما صرحا بان ‹‹الاستشهاد بمقال كتبه جرينبيرج يرجع تاريخه إلى عام 1979 لم يحل محل أولويتنا للعمل السابق حول هذا الموضوع››. لذلك شعرا بالغضب والانزعاج واصدرا نسخة أولية بعنوان (التضليل المتعمد كأداة لسياسة العلوم On Deliberate Misreferencing as a Tool of Science Policy)، واشارا الى انهما وضعا الأمور في نصابها الصحيح فيما يتعلق بأولوياتهما المحددة بوضوح، وبتعليقات ساخرة موجهة الى مجلة الطبيعة.
3- دليل الستراتوسفير
ان المذنبات وفق نظرية الكون الجرثومي هي مصدر البث والنشر الجرثومي بين النجوم في كافة ارجاء الفضاء على الدوام من دون انقطاع. ففي كل عام تصل كميات ضخمة منها الى الارض، على خلاف ما اعتقده أرينيوس من ان ما يصل الى الارض من جراثيم يعتبر شحيحاً، وذلك لتصوره ان الفضاء بين النجوم فارغ تقريباً، وهو ما جعله يستنتج بان من غير الممكن تمييز الجراثيم القادمة من الفضاء عن تلك الموجودة في الارض سلفاً.
وبحسب هويل وويكراماسينج ان الكائنات الحية الدقيقة التي تصل إلى الغلاف الجوي العلوي- على ارتفاع 100 كيلومتر مثلاً - تبدأ في السقوط تحت الجاذبية، لكن يتم غربلتها بسرعة وفقًا للحجم، بعضها يصل إلى مستوى الأرض في غضون عام أو عامين مثل البكتيريا. اما الجسيمات ذات الحجم الفيروسي فانها تبقى محاصرة على ارتفاع 20-30 كم في مصيدة الستراتوسفير، ويتم التحكم في نزولها بواسطة تيارات هواء هذه الطبقة التي تتمتع بطابع موسمي مع إمكانية إنزال الفيروسات الشائعة وسحبها إلى مستوى الأرض.
ومعلوم ان وكالة ناسا دعمت في الستينات سلسلة من رحلات المنطاد في امريكا إلى طبقة الستراتوسفير على ارتفاعات تزيد عن 40 كم، وخلالها استعادت الكائنات الحية الدقيقة القابلة للحياة التي يمكن استزراعها بوسائل بسيطة نسبيًا. وأظهرت النتائج وجود (0.01-0.1) بكتيريا حية لكل متر مكعب من الهواء، ويبدو أن الكثافة تزداد مع الارتفاع. وفي اواخر السبعينات سعت التجارب الروسية من نوع مشابه للحصول على البكتيريا ضمن ارتفاع (50-75) كم، وكانت العملية ناجحة. لكن الاعتراض الدائم من قبل المتشككين هو ادعاء امكانية وجود تلوث محتمل قد رافق هذه الرحلات.
وفي عام 2001 تم الكشف عن وجود عينات من الخلايا الحية في طبقة الستراتوسفير. وتم تقدير ما يدخل من مواد بايولوجية يومياً بما يتراوح بين ثلث الى طن واحد على الارض، وعلى اقل تقدير 100 طن سنوياً، اي (108) غراماً، واذا كانت هذه المواد البايولوجية على شكل بكتيريا فان النقل السنوي لها سيقارب (1021). وفي تقدير سابق اعتبرت الكتلة الإجمالية للجراثيم التي تدخل الغلاف الجوي للأرض هي حوالي (1010) غراماً سنوياً، وهو ما يعادل (1022) من البكتيريا تقريباً، ولو كانت جميعها جزيئات فايروسية فستبلغ حوالي (1024). ومع ان قسماً منها سيفقد القابلية على الحياة أثناء الرحلة الى الارض، لكن كمية كبيرة منها ستصل اليها بسلام. لذلك اعتقد هويل وويكراماسينج ان من الممكن العثور عليها وتمييزها عن تلك الموجودة في الارض سلفاً. فوصول الخلايا وشظايا المواد الجينية عملية مستمرة ومقصودة لتوجيه السمات الرئيسية للتطور. ويمكن العثور عليها في طبقات الجو العليا.
وهذا ما دعا ويكراماسينج بإعداد ورقة نيابة عن فريق عمله بعنوان (اكتشاف الخلايا الحية في عينات الستراتوسفير). وكانت هذه الورقة الاخيرة التي يشارك فيها هذا العالم مع فريد هويل الذي توفي بعدها بوقت قصير عام 2001.
وبعد وفاة هويل بسنوات قليلة تم جمع الهباء الجوي على ارتفاع 41 كم ضمن طبقة الستراتوسفير، واستعيدت ثلاثة انواع جديدة للبكتيريا ذات خصائص مقاومة استثنائية للاشعة فوق البنفسجية. وتم تسمية واحدة منها على شرف هذا العالم المميز (Janibacter hoylei). وتبين ان من متوسط ما يدخل يومياً من المواد المذنبية الى الارض، وهو 100 طن، يمكن استنتاج حوالي (0.001) هو على شكل بكتيريا قابلة للحياة تصل الى الستراتوسفير ومن ثم تسقط الى الارض.
4- دليل المريخ
لقد سبق لهويل وويكراماسينج ان احتملا ان تكون الارض والمريخ قد اصبحتا مزروعتين بحياة بكتيرية في الوقت نفسه تقريباً، اي منذ حوالي اربعة مليارات سنة. كما احتملا ان تكون الحياة قد بدأت على المريخ قبل ان تنتقل الى الارض عبر بعض انواع الصخور المقذوفة، وذلك منذ حوالي 3600 مليون سنة.
لكن ما الدليل على وجود حياة في المريخ؟ فلحد الان لا يعرف بشكل قطعي وجود اي نمط من انماط الحياة البدائية في هذا الكوكب.
لقد استعان ويكراماسينج بالباحث الرئيسي في تجربة علم الأحياء على كاميرات مركبة فايكنج Viking عام 1976، وهو جيل ليفين الذي كشف عن أشياء كثيرة غير معروفة للجمهور بشكل عام. فمثلاً أظهرت دراساته المتتابعة لسلسلة من الصور التي التقطتها كاميرات فايكنج على مدار سنة مريخية؛ وجود ظلال خفيفة من اللون الأخضر على قمم الصخور في الربيع، ثم انحسرت في الشتاء، مما يشير إلى نمو الحياة الميكروبية من نوع الأشنة او الحزازات lichen-type. لكن هذه النتائج التي ادلى بها ليفين جعلته غير محبذ لدى ادارة وكالة ناسا، فانفصل عنها لمتابعة تحقيقاته بشكل مستقل. وبحسب ويكراماسينج انه بعد عدة عقود من التجارب اتضح أنه لا يوجد نموذج غير بيولوجي يمكنه تفسير النتائج الإيجابية لتلك التجربة .
ففي عام 2001 تم اطلاق مسبار المريخ اوديسيOdyssey للدوران حول الكوكب الأحمر ورسم خريطة سطحه للهايدروجين والماء والمعادن. وحصل المسبار على صور أظهرت أدلة واضحة على وجود صقيع كثيف أو ثلوج في العديد من المواقع بما في ذلك مواقع هبوط مركبة فايكنج. مع هذا رأت وكالة ناسا أن الحياة في هذا الكوكب مستبعدة إلى حد كبير، بفعل الظروف الجوية الصعبة، ومنها مناخه الجليدي. وقد ردّ ويكراماسينج على هذه الحجة بان بعض مناطق الارض تشابه ما لدى المريخ من ظروف وهي تحظى بالحياة، كما في جليد القطب الجنوبي وعلى أعماق 8 كيلومترات تحت سطح الأرض.
كما في عام 2004 حصلت المركبة الفضائية مارس إكسبرس على آثار من الميثان والأوكسجين في الغلاف الجوي للمريخ والتي يمكن ان توحي بنشاط بيولوجي.
وفي عام 2011 سقط نيزك من المريخ على قرب من قرية تيسينت في المغرب، وتم فحصه عام 2012، فلوحظ انه يحتوي على ما يوحي بهياكل جرثومية متحجرة، حيث تم اكتشاف كريات غنية بالكاربون والاوكسجين. ثم تبين فيما بعد ان كوكب المريخ كان مليئاً بالحياة الميكروبية في تاريخه الجيولوجي المبكر، كالذي يقوله ويكراماسينج.
وفي عام 2018 عثر المسبار كيوريوسيتي التابع لوكالة ناسا على أدلة جديدة محفوظة في صخور المريخ تشير إلى أن الكوكب قد يدعم الحياة القديمة، اذ تظهر النتائج وجود جزيئات عضوية صلبة "tough" في الصخور الرسوبية التي يبلغ عمرها ثلاثة مليارات عام بالقرب من السطح، بالإضافة إلى التغيرات الموسمية في مستويات الميثان في الغلاف الجوي. كما توجد أدلة جديدة في غلافه الجوي تتعلق بالحياة الحالية على هذا الكوكب. ومع أن هذه النتائج ليست بالضرورة دليلًا على الحياة نفسها، إلا أنها تعد علامة جيدة للمهام المستقبلية لاستكشاف سطح الكوكب وتحته.
خلاصة الادلة
لقد رأينا وجود العديد من الادلة التي قدمها هويل وويكراماسينج لاثبات الكائنات المجهرية الدقيقة، كما في الاثار الموجودة في النيازك، وما تحويه المذنبات من اشكال وعناصر ونسب وعلاقات شبيهة بتلك الموجودة في الكائنات الحية الدقيقة، ووجود كائنات دقيقة في طبقات الارض العلوية، وغيرها مما هي معروضة اعلاه. يضاف الى ادلة اخرى مثل ظاهرة مطر الدم الاحمر. يضاف الى ان في المواسم الشتوية تنتشر الفايروسات بما يقترن مع الرياح القادمة من بعض طبقات الارض العلوية، وهي في احيان معينة تنتشر في الارض بشكل من الصعب تفسير ذلك طبقاً للعدوى الانتقالية، كما سنعرف لاحقاً.
ومن وجهة نظرنا ان كل دليل مقدم من قبل هذه النظرية لا يعتبر كافياً في حد ذاته، لكن بجمع الادلة مع بعض تصبح متعاضدة قوية. وهو ما يجعلها مرجحة على غيرها.
مخاطر انتقال الحياة الى الارض
بقي علينا ان نعرف ما الذي تقوله نظرية الكون الجرثومي عن المخاطر التي تواجه الكائنات الدقيقة عند انتقالها من الفضاء الينا؟ اذ كيف يمكن لهذه الجراثيم ان تجتاز الفضاء لتصل الى الارض من دون ان تصاب بالدمار وسط الاشعة فوق البنفسجية والسينية القاتلة، بالاضافة الى درجات الحرارة المرتفعة؟ اذ كانت هذه المعضلة حاضرة لدى تفكير كريك، الامر الذي جعله يبحث عن وسيلة اخرى موجهة عبر كائنات ذكية تستخدم مركبات فضائية غير مأهولة لنقل الجراثيم.
لقد اعترف اصحاب هذه النظرية بان الخطر الرئيسي على الكائنات الحية في الفضاء يأتي من التاثير المدمر للاشعة السينية منخفضة الطاقة من النجوم. لكنهم اظهروا عدداً من الميزات التي تجعل من الممكن تجنب هذه الاثار القاتلة، ومن ذلك ان اعداد البكتيريا ضخمة للغاية، وهي ذات انواع مختلفة من حيث تحملها للاشعة الضارة ودرجات الحرارة المرتفعة؛ حتى تلك التي تصل الى اكثر من (300 درجة مئوية)، وان لها قابلية على اصلاح ما يتلف منها بفعل الاشعة فوق البنفسجية والمؤينة (السينية)، وان الجرعات المفاجئة هي المميتة كما تحصل في التجارب المختبرية، فيما ان الجرعات التدريجية تتقبل المقاومة. كما لوحظ ان العديد من الكائنات الحية الدقيقة لا يتم قتلها بواسطة الاشعة فوق البنفسجية، بل تعطيلها، اذ تحول بعض الروابط الكيميائية الموجودة في البنى الوراثية للكائنات الحية دون تدمير الترتيبات الجينية نفسها، وهذا ما يسمح باستعادة الخصائص الأصلية بمجرد إغلاق هذه الأشعة.
ومن الناحية المختبرية تم تعريض ثلاثة انواع من الكائنات الحية الدقيقة لمدة خمسة ايام الى فراغ شديد يقارب الفراغ بين الكواكب، ومع هذا لم يلحظ اي تأثير مميت.
كما ثبت ان البكتيريا قد صمدت على القمر لمدة عامين، عندما وجدت على آلة التصوير بعد العودة الى الارض عام 1969.
كذلك لوحظ وجود كتل ومستعمرات صغيرة من البكتيريا تنتقل معًا كوحدات متكاملة محمية ذاتيًا، حيث تكون الكائنات الحية الداخلية محمية بشكل جيد من الأشعة فوق البنفسجية الضارة. وتتراوح اقطار الكتل البكتيرية من هذا النوع من (1 إلى 10) ميكرومتر، وقد تم استعادتها من طبقة الستراتوسفير حتى ارتفاع 41 كم، حيث تتواجد بشكل طبيعي لدى هذه الطبقة العلوية؛ مثلما تبين من رحلات المنطاد في الولايات المتحدة الامريكية خلال منتصف الستينات. ومثل ذلك حصل في عام 2001 حيث تم اثبات وجود كتل من الخلايا الحية في الهواء على مثل ذلك الارتفاع ضمن هذه الطبقة. وبحسب هويل وويكراماسينج ان من المرجح ان يكون اصل هذه المستعمرات عائداً الى المذنبات.
كما لوحظ ان فحم الجرافيت graphitoid coal كمنتج طبيعي للتحلل البايولوجي والمنتشر في الفضاء بين النجوم يمكنه امتصاص الاشعة فوق البنفسجية؛ مثلما تبين خلال منتصف الستينات من القرن العشرين. بمعنى ان هناك حماية ذاتية تلقائية ودرعاً كاربونياً رقيقاً يأتي من نفس مستعمرات الجراثيم الكونية عند تحلل جزء يسير منها فيعمل على حمايتها.
يضاف الى ما سبق ثمة نوع من البكتيريا (Deinococcus) في الارض تشكل مستعمرات أكبر من ملليمتر واحد، وهي شديدة المقاومة للإشعاع والمخاطر البيئية الأخرى، وقد تم اكتشافها عام 1956 من قبل ارثر اندرسون Arthur Anderson، وعرف حينها انها تقاوم الجرعات العالية من الاشعة كجاما القاتلة، ووصفت بانها فائقة المقاومة Conan the Bacterium لقدرتها على تحمل البرد والجفاف والاحماض والاشعة. وتعتبر ُأكثر أشكال الحياة مقاومة للإشعاع كما في كتاب (جينيس للأرقام القياسية). فهي تقاوم 3000 ضعف كمية الإشعاع التي من شأنها قتل الإنسان.
وفي دراسة حديثة لفريق ياباني صممت لاختبار نظرية البانسبيرميا؛ قام اصحابها بتعريض البكتيريا المشار اليها خارج محطة الفضاء الدولية لمدة ثلاث سنوات (2015 - 2018)، وبحسب النتائج تبين ان حياتها تتوقف على سمك حجم المستعمرة، فالكتل التي تمتاز بانها أكبر من 0.5 مليمتر بقيت على قيد الحياة جزئياً، حيث تموت الكائنات الموجودة في سطح المستعمرة وتشكل طبقة واقية لضمان بقاء المستعمرة. ورأى الباحثون ان هذه النتائج تدعم إمكانية استخدام الحبيبات كسفينة لنقل الميكروبات بين الكواكب في غضون عدة سنوات. واستنادًا إلى تقديرات العلماء فانه يمكن أن تعيش حبيبات البكتيريا التي يزيد سمكها عن 0.5 ملم بين (15 و45) عامًا خارج المحطة الفضائية في مدار أرضي منخفض. وتوقع الفريق أن مستعمرات هذه البكتيريا التي يزيد قطرها عن 1 مليمتر يمكن أن تعيش لمدة ثماني سنوات في الفضاء الخارجي.
هكذا يتبين ان ما يقال عن مخاطر الاشعة على الحياة الجرثومية في الفضاء مبالغ فيه، وان رأي كريك حول النقل عبر المركبات الفضائية يصبح تعقيداً بلا لزوم، كالذي يراه اصحاب نظرية الكون الجرثومي.