يحيى محمد
2ـ مشكلة نشوء النظم المعقدة
وهي مشكلة تمس الصعوبات الثلاث الاخيرة كما ذكرها داروين، وابرز ما فيها انه كيف يمكن للتطور التدريجي ان يخلق التراكيب المعقدة كالعين البشرية، او تركيب وسلوك الخفاش مثلاً؟ او كيف نصدق بان الانتخاب الطبيعي يؤدي الى تكوين مثل هذه النظم البالغة الاكتمال عبر التدرج من البسيط الى المعقد؟ وبغير ذلك اعتبر نظريته تنهار تماماً.
ومعلوم ان داروين لم يقدم اي تفصيلات ولو تخمينية عما جرى من تطور ادى الى خلق هذه التراكيب المعقدة. بل اكتفى باشارات وتوضيحات عامة، وهي انه لا مانع من تخلّق هذه البنى تدريجياً طالما ان لها بسائط موجودة في الكائنات الحية. وبالتالي ليس ثمة تعقيد غيرقابل للاختزال.
وقد واجه داروين بهذا الصدد مشكلتين مترابطتين: التركيب البنيوي والوظيفة؛ ومنها الغرائز الحيوانية، فتارة وجد المشكلة في هذه الغرائز، واخرى في التركيب البنيوي. ومع انه رأى ان الوظيفة سابقة للتركيب او البنية، الا انه اعترف بوجود حالات كثيرة يعجز فيها عن التخمين فيما اذا كانت الغريزة هي التي اختلفت قبل البنية ام العكس؟.
لكنه في جميع الحالات حاول ان يجيب على شبهة التنظيم غير قابل للاختزال، حيث التناسق بين التركيب والغريزة. مع اعترافه بان الكثير من الغرائز يصعب تعليلها وتبدو معارضة لنظرية الانتخاب الطبيعي، لعدم ايجاد تدرجات متوسطة سابقة. واقتصر على علاج صعوبة واحدة بدت له بداية الامر انها لا تقهر، بل وقاتلة للنظرية كلها، وهي تلك المتعلقة بالاناث العقيمة في الحشرات، باعتبارها غير قادرة على التكاثر، كما في عاملات النمل العقيمة التي تختلف كثيراً عن كل من الذكور والاناث الخصبة جسمياً؛ مثل شكل الصدر وانعدام الاجنحة، واحياناً انعدام الاعين. علاوة على ذلك عقمها حيث لا يمكن ان تنقل اي تعديلات متدرجة الى ذريتها. لذلك جعل لموضوع الذرية العقيمة صعوبة مستقلة هي الرابعة والاخيرة من الصعوبات التي عرضها، رغم انها واحدة من بين غرائز كثيرة متنوعة ومدهشة لدى الحيوانات.
وعبّر عن هذه الصعوبة بقوله: سوف يدور في الاذهان بانني لا اعترف بان مثل هذه الحقائق المدهشة للنمل العقيمات والمستقرة جداً تهدم نظريتي تماماً.
وأقرَّ بانه رغم ايمانه بالانتخاب الطبيعي فانه لم يتوقع ان يكون قادراً على تطبيقه بدرجة عالية من الكفاءة على هذه النمل العاملات، واعتبر هذا الموضوع اخطر صعوبة واجهت نظريته، لكنه سُعد حينما رأى ان من الممكن تفسير هذه الظاهرة من خلال تطبيق الانتخاب الطبيعي على الجماعة مثلما يطبق على الفرد، رغم اختلاف النمل العقيمات فيما بينها، حتى تم تقسيمها الى مرتبتين او ثلاث مراتب مختلفة تماماً.
ويمكن ابداء ملاحظتين حول هذه المسألة:
الاولى هي ان بعض الحيوانات العاقرة لا تمتلك فائدة بينة من عقمها، سواء كانت الفائدة فردية او عائلية جماعية، كما في البغال.
والثانية هي ان داروين اضطر الى التفسير السابق كشذوذ عن التزامه العام بان الانتخاب الطبيعي يعمل لصالح الفرد لا الجماعة، وكانت له خلال ستينات القرن التاسع عشر جدالات مع والاس الذي خالفه في ان العكس هو الصحيح، كما في حالة البشر، ومثل ذلك الطيور التي تتظاهر بان اجنحتها مكسورة لتصرف نظر مفترسيها عن ذريتها، بل وقد تعرّضُ نفسَها للافتراس باطلاق صفارات انذار لانقاذ المجموعة. وكذا هو الحال مع عقم الحشرات مثل اناث النمل والنحل والدبابير.
وقد اعتقد داروين بان من ضمن ما يهدم نظريته العثور على جزء خاص قد تم تكوينه من اجل الفائدة المنحصرة على نوع اخر (اي الايثار النوعي)، حيث لا يمكن ان يتم ذلك عبر الانتخاب الطبيعي. في حين ثمة ظواهر حيوانية اشار اليها عدد من الباحثين المعترضين دالة على ان بعض الحيوانات تعمل على الاضرار بنفسها لتقديم الفائدة للغير، مثل بعض الحيوانات التي تعمل على تحذير فرائسها كما تفعل بعض الافاعي. وعلى هذه الشاكلة ثمة ظاهرة غريبة لاستسلام العناكب للموت بيد الدبابير دون دفاع او هروب.
وبعيداً عن هذه المشكلة نجد ان الكائنات الحية غنية بالكثير من الوظائف المعقدة، ومن الصعب ان نرى فيها نوعاً من التدرج والقابلية على الاختزال وفق ما يعمل به الانتخاب الطبيعي. فمثلاً أقرّ داروين بمشكلة الاعضاء الجسدية الكهربائية لبعض انواع الاسماك، فكيف تطورت بالتدريج؟ وما هو سلفها المشترك؟ وأقرّ باننا لا نعرف عنها الا القليل. كذلك مشكلة الاعضاء الجسدية المضيئة لدى بعض الحشرات بما يشابه الاعضاء الكهربائية لدى الاسماك. ايضاً الحالة المدهشة في طيران التناسل لدى اليعسوب، فالاجهزة لدى ذكوره لا نظير لها في اي مكان من المملكة الحيوانية، كما انها غير مشتقة من اي اعضاء مسبقة، لذا فنشوئها غامض، كالذي صرح به الجيولوجي وعالم الحشرات روبرت جون تيليارد Robert John Tillyard.
وتعتبر هذه الحالات محدودة للغاية وسط بحر من الحالات للتراكيب المدهشة والغرائز الغريبة. ولحد الان لا يوجد لها تفسير يمكن ان يوضح كيفية نشوءها بالتدريج وفق قانون الانتخاب الطبيعي.
***
أما على صعيد التركيب البنيوي فسنكتفي بمثال العين البشرية التي ابدى داروين حولها شيء من الحيرة والتردد. ففي اصل الانواع اشار الى ان تكونها عن طريق الانتخاب الطبيعي يبدو كشيء مناف للعقل الى اقصى درجة، واشار الى ان فحوى الاعتراضات المتعلقة بها، هي انه لكي تتطور العين ويحافظ عليها سوف يكون من الضروري ادخال الكثير من التعديلات في وقت متزامن، الامر الذي يتنافى مع قدرة الانتخاب الطبيعي. لكنه هوّن المسألة عن طريق التدرج في تطور التعقيدات المفيدة. واكد في هذا الصدد على ان العضو البسيط الحساس للضوء لا يعنينا مثلما لا يعنينا البحث عن نشأة الحياة ذاتها، واعتبر انه لا يبدو مستحيلاً ان عناصر حساسة معينة موجودة في احشاء العين قد تتجمع وتتطور الى اعصاب موهوبة بهذا الوعي الخاص.
وقد يوحي عدم اهتمام داروين في البحث عن العضو البسيط الحساس للضوء بانه بسيط غير معقد كما هو تصور عصر القرن التاسع عشر، لكن يعرف اليوم ان هذا العضو يمتلك عملية معقدة جداً للرؤية عبر مرور فوتون لاول مرة بالشبكية، كالتي شرحها مايكل بيهي واعتبرها من النظم غير القابلة للاختزال.
على ان ابسط عين وجدها داروين في عالم الحيوانات لا يتعدى تكونها من عصب بصري محاط بخلايا صبغية ملونة ومغطاة بجلد شفاف من دون عدسة. فمثلاً ان لحيوان الرميح البحري عين تتألف من كيس من الجلد الشفاف المزود بعصب والمبطن بالصبغة. واشار الى ان هناك ما هو ابسط من ذلك طبقاً لما نشره جوردين، حيث وجود تجمعات الخلايا الصبغية الملونة، ويبدو انها تستخدم كاعضاء ابصار من دون اعصاب، وهي تستعمل للتمييز بين الضوء والظلام فقط.
ورغم ان داروين حاول في (اصل الانواع) التهوين من مشكلة التعقيد الحاصل في تركيب العين من خلال البحث عن البسائط، لكنه اعترف خارج الكتاب باحساسه بالقلق ازاء نظريته. فخلال فبراير من عام 1860 بعث رسالة الى البايولوجي الامريكي اسا غراي Asa Gray عبّر فيها عن شكه بقوله: “تصيبني العين حتى يومنا هذا بقشعريرة باردة”.
وبعد ثلاثة اشهر من رسالته السابقة بعث باخرى الى اسا غراي؛ ضمّنها القول بانه لا يرى ضرورة للاعتقاد بأن العين مصممة بشكل صريح.
وعول في اعتقاده هذا على ذات المبدأ الذي انتهجه في تفسير تطور الكائنات الحية واعضائها المعقدة، فرأى انه رغم تعقيدها المدهش لدى الانسان وسائر الفقريات الا انه يمكن تفسير تخلّقها من خلال لحاظ طيف الاختلاف بين اعين الحيوانات من ابسطها تركيباً وحتى اعلاها. لكنه مع هذا طرح كلاماً عاماً دون الدخول في التفاصيل، اذ معلوم انها في غاية التعقيد ومن الصعب اختزالها، ويمكن ان تنطبق عليها قاعدة بيهي في التعقيد غير القابل للاختزال.
وثمة من اعتبر جواب داروين ذكياً، فهو قد نقل التتبع من الاطار الزمني الى الاطار المكاني، حيث العالم اليوم يشهد تراوح لاطياف العين من اقصى البداية الى اعظمها تعقيداً.
ومعلوم ان في الحيوانات يوجد ما لا يقل عن اربعين نوعاً من العيون المستقلة التي تختلف في اشكالها وتعقيدها، وان من الصعب تماماً ايجاد سبيل للربط فيما بينها بطرق تدرجية كما ينتهجها الانتخاب الطبيعي. لذلك استشهد ميفارت ابرز نقّاد نظرية داروين فيما عرضه السيد مورفي من صعوبات تتعلق بالتطور البصري للعين، حيث انه يبدأ من نقاط انطلاق مختلفة ويستمر عبر طرق مستقلة.
واليوم تم التعرف على ان جميع الاعين الاربعين المشار اليها تخضع لنفس الجين التنظيمي PAX6.
وثمة من حاول شرح كيف يمكن للعين ان تتطور عبر الطفرات والانتخاب الطبيعي، مثل محاولة عالم الوراثة جابريل دوفر من كمبردج، وكما قال: ‹‹افرض انه يلزم 1000 خطوة من التطور حتى تتطور العين من لا شيء، سيعني هذا ان تتالياً من 1000 تغير وراثي يلزم لتحويل رقعة جلد عارية الى العين››.
وعلق ريتشارد دوكينز على ذلك بقوله: ‹‹وهذا فيما يبدو لي افتراض مقبول جدلاً، حيث يمكن للانتخاب الطبيعي ان يرد ذلك الى ابسط اشكاله، حيث ان الطفر سيقدم في كل خطوة واحدة من الخطوات الالف عدداً من البدائل، ولا يحبذ الانتخاب منها الا واحداً يساعد على البقاء››.
كما حاول دوكينز ان يحلل هذا التعقيد نافياً وجود نظم غير قابلة للاختزال، بل واعتبر انه لو وجدت مثل هذه النظم فسوف يكف عن الايمان بالداروينية. وعلى رأيه انه توجد على الدوام توسطات في الاعضاء ووظائفها لدى الكائنات الحية، وهي ما تدل على التدرج، كما في الاعين والاذان والاجنحة والاطراف وغيرها. لذلك شرح حصول التعقيد في العين بأن تنشأ مباشرة من شيء يختلف قدراً بسيطاً عنها، وهذه عن غيرها بقدر بسيط اخر، وهكذا.. وافترض كل شبيه بانه (س)، فهناك تغيرات طفيفة جداً بين (السينات) المتجاورة، لكن عندما تبتعد (السينات) عن الاصل فانها تكون مختلفة بشكل واضح، وهكذا حتى يمكن في هذه الحالة ان تكون العين قد جاءت من العدم. لذلك اعتبر للعين قابلية على التطور التدريجي والتكامل، فقد يكون الابصار عبارة عن 5%، وقد يوجد كائن يبصر او يتحسس بهذا القدر من النسبة. ومن ذلك ان هناك قابلية للرؤة البسيطة جداً من دون عدسة العين، وهو دليل على امكانية التطور التدريجي.
ويتضح مما سبق ان نهج دوكينز لم يتجاوز عصر داروين الذي لم يشهد اكتشاف الجينات والبروتينات والجزيئات الخلوية الاخرى ودورها في تركيب البنى المعقدة. كما لم تقدم هذه الطريقة كيفية حصول التطور بالتدريج من 5% للابصار فما فوق، فواقع الاعين في عالم الاحياء لا يبدو هذا النحو الساذج، فقد تجد بعض الاعين معقدة للغاية منذ زمن الانفجار الكامبري دون ايضاح كيفية تشكل مثل هذه البنى في مدة قصيرة جداً، بل وما هي الاعين التي تدرجت حتى بلغت هذا الحال من التعقيد؟ كما هو حال اعين رئيسيات القدم مثل الحبار والاخطبوط التي تتميز بامتلاكها عدسة وقرنية وشبكية وغيرها من الاجزاء المشابهة لما في العين البشرية.
لذلك ذهب العديد من العلماء، الى ان العين وغيرها من الاعضاء المعقدة، بدلاً من ان تتطور من اعضاء ابسط تركيباً بالتدريج كما رأى داروين، فانها وثبتْ الى الوجود في لحظة واحدة خارقة، كالذي اعتقده اورجيل خلال سبعينات القرن العشرين. ومثل ذلك ما عبّر عنه الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون بوجود تعقيد لا نهائي لدى الاعضاء الحيوية كما في مثال العين.
لقد جادل شوارتز Schwartz في كتابه (اصول مفاجئة Sudden Origins) عام 1999، بان علماء البايولوجيا قادرون على شرح البنى المعقدة كالعين بالاستناد الى الطفرات التي تصيب جينة هوكس Hox gene وحدها. كما اصر على القول بان جينات هوكس هي التي تقوم بتشكيل العين. وعند تشغيل احداها في الموضع المناسب والوقت المناسب فسيحصل الفرد على عين. واعتبر ايضاً ان الطفرات في هذه الجينات تساعد على ترتيب الاعضاء لتشكل المخططات الجسدية. لكن ابرش ساتماري في مراجعته لكتاب شوارتز رأى انه قد اخطأ في تجاهل حقيقة ان جينات هوكس هي جينات انتقائية لا يمكنها القيام بشيء اذا لم تكن جينات اخرى تنظمها موجودة.
كما قدّم عدد من الباحثين محاولات لشرح تطورات العين من خلال المحاكاة الحاسوبية. ففي عام 1994 قام نيلسون وزميلته بيلجر ببعض الحسابات التي تظهر تطور العين المعقدة من بقعة من الخلايا المستشعرة للضوء في اقل من 400 الف سنة حسب البرمجة الكومبيوترية. وفي عام 2003 فضح الرياضي ديفيد بيرلنسكي Berlinski David تلك الطريقة القائمة على النموذج الحاسوبي وعبر عنها بالفضيحة العلمية.
وفي عام 2004 هناك من ادعى محاكاة كومبيوترية لشكل نموذج العين بالتغير عشوائياً وفق تجربة نيلسون وزميلته بيلجر.
لكن نُقدت جميع هذه المحاولات القائكة على المحاكاة الحاسوبية لتطور شكل العين؛ باعتبارها تتجاهل دور الجينات والبروتينات والعوامل الجزيئية الاخرى، كالذي اشار اليه بيهي في كتابه (تراجع داروين).
***
ان من ضمن التبريرات التي قدمت لاثبات تطور العين بعيداً عن يد التصميم الذكي، هو ان تركيبها يعاني من بعض العيوب، ففي عام 1986 اعتبر دوكينز ان شبكة اعيننا واعين الفقريات جميعاً تعاني من عيب يتمثل في ان الخلايا الضوئية موجودة ليست باتجاه الضوء بل بعيدة عنه، فيما الاسلاك الموصلة هي اقرب للضوء، في حين يفترض ان تكون بعيدة عنه الى الوراء. ورأى ان ذلك يجعل الرؤية تعاني بعض الضعف والتشويه.
واستعرض الباحث جوناثان ويلز ايقونة المحاولات التي تنتقص العين رغم وجود بعض الاكتشافات الدالة على خطأ ذلك. فبعد ست سنوات من كتابة دوكينز عن نقص عين الانسان عام 1986 تبعه عالم البايولوجيا التطورية جورج ويليامز بنفس الايقونة، فاكد على وجود نقطة عمياء، فاذا كانت العين مصممة فهي مصممة بغباء. كذلك في عام 1994 كتب كينيث ميلر بان عين الانسان مصممة بشكل سيء وذكر المشكلة فيما لا يختلف عما ذكره دوكينز.
واستمرت ايقونة عيوب العين البشرية والفقريات لدى الكتابات المعاصرة، ومنها ما جاء في كتب البايولوجي الامريكي ناثان لينتس عام 2015.
وتذكّر مثل هذه الاشكالات بما سخر منه الفلكي كارل ساجان من موقع الارض لانه خلفي منعزل في المجرة.. لكن مع تقدم العلم تبين ان الارض لا يمكن ان تكون قريبة من المركز، وان موقعها الخلفي هو موقع مثالي.
ففي عام 1967 تم اثبات ان وضع العصي والمخاريط الحساسة للضوء تقع في موقعها السليم وليس كما يدعيه التطوريون. ومن ذلك تفسير لماذا لا ينبغي ان تكون العصي والمخاريط الحساسة للضوء امام الشبكية، فانه يكون على الشعيرات المملوءة بالدم والطبقة الطلائية الصبغية ان تكون امام الشبكية فتحجب كل الضوء تقريباً.
وفي دراسة تعود الى عام 1984 لفريق بايولوجي ايطالي اوضح ان النقص عائد الى اعين رئيسيات القدم مقارنة باعين الفقريات. وفي دراسة اخرى عام 2009 كشفت عن ان الشبكية المعكوسة لدى الفقريات هي افضل من شبكية رئيسيات القدم.
وفي عام 2007 قدّم فريق من الفيزيائيين وعلماء الأحياء بحثاً كشفوا فيه عن أن الضوء لا يمر عبر طبقات الخلايا للوصول إلى شبكية العين، بل تعمل بعض الخلايا ككيبلات ألياف ضوئية حية لتوجيه الضوء من سطح البنية مباشرة إلى قضبان الشبكية ومخاريطها. ثم أظهرت دراسة لاحقة أن كيبلات الألياف الضوئية تعمل بالفعل على تحسين الرؤية أثناء النهار دون التضحية بجودة الرؤية الليلية. وقد استشهد مايكل بيهي بما صرح به موقع أخبار العلوم Phys.org حول ما سبق من أن وضع المستقبلات الضوئية خلف شبكية العين ‹‹ليس قيداً على التصميم؛ بل هو ميزة التصميم››، وأن الشكاوى من أنه سيكون من الأفضل للعين الفقرية أن يكون لها موصلات عصبية خلف العين، كما تفعل رأسيات القدم كالأخطبوط، هي ‹‹حماقة››.
ويعتبر دوكينز ابرز من توهم بهذا النوع من التفضيل، وكما صرح بان اعين الاخطبوط تشبه اعيننا كثيراً، لكن اسلاكها التي تخرج من خلاياها الضوئية لا تتجه أماماً ناحية الضوء مثلما هي عندنا. فهي بذلك افضل مما لدينا، او انها اكثر معقولية.
وقد رد الباحث ريتشارد لومسدين Richard Lumsden على شبهة العيب في تركيب العين البشرية مستهزئاً بقوله: اننا محظوظون بالفعل ان دوكينز لم يُكلّف بتصميم أعيننا.