يحيى محمد
هذا آخر كتاب انتهينا منه، وتضمّن سبعة فصول. وللتعريف به نستعرض مقدمته ومحتوياته:
مقدمة الكتاب
لم يكن في نيتي البحث حول نظرية التطور كموضوع مستقل. فقد تداخل هذا الموضوع مع القضايا التي عالجتها في كتاب (صخرة الإيمان)، وحينما توسع البحث اضطررت إلى إفراده كدراسة مستقلة، على صغر حجمه.
وبذلك تكون دراستنا حول التطور هي الثانية بعد صدور أول مؤلفاتنا عنه وقت الشباب عام 1979، وكانت بعنوان (الدراوينية: عرض وتحليل). وهي دراسة مدفوعة بهواجس وتحيزات دينية واضحة. لكن بعد ان تجاوزنا مثل هذه الاندفاعات غير العلمية يمكننا الآن ونحن في أواخر العمر ان نسجل موقفاً معرفياً خالصاً بشأن هذه النظرية ومدارسها المختلفة، لا سيما النظرية الداروينية.
وخلاصة ما توصلنا إليه، إنه لم يثبت لحد الآن أي برهان تام أو مباشر على نظرية التطور النوعي المتباعد. فوصفها بالحقيقة العلمية – كما هو سائد - لا يخلو من غلو، رغم أنها مرجحة بالفعل، فهي مؤيدة بالدليل الفلسفي، كما تحظى بالعديد من الأدلة العلمية رغم ما تواجهه من مشاكل مستعصية، لا سيما فيما يتعلق بنشأة الصفات المستجدة والتطور بين الشُعب. لذلك فإن جميع النظريات المطروحة في حل معضلاتها ما زالت تعاني من عيوب، وقد تكون قاتلة. واعتقد ان الوصف الأخير ينطبق على الداروينية تماماً. ولولا انها تمتلك آلية الاختزال التي يعول عليها العلم، بالإضافة إلى تمسكها بمعيار الطبيعانية، لكانت في عداد الموتى منذ زمن بعيد.
وعلى الصعيد الفلسفي، لو أننا استبعدنا التطور النوعي بين الكائنات الحية تماماً لكان يعني انها خُلقت بطريقة مباشرة ما يجعلها غير خاضعة للتفسير والقوانين الطبيعية، فهي تمثل خوارق ومعجزات تنتسب إلى عالم الميتافيزيقا. وقد يتقبل الكثير منا مثل هذه الفكرة عندما نتحدث عن أصول الأشياء التي لا يسعنا ردها إلى شيء آخر، مثل عملية الانفجار العظيم كما يصورها علم الفلك والفيزياء، حيث يُعترف بها رغم انها غير خاضعة للتفسير والقوانين الفيزيائية.. ومثل ذلك نشاة الحياة، حيث يتعسر تفسيرها للظن بأنها استثنائية دون ان يسبقها شيء يمتلك صفة الحياة. لكن هذه الحالات فردية اذ تتعلق بأصول الأشياء، لذا قد تُنسب إلى طوارئ ميتافيزيقية. أما لو عممنا هذا الشكل على كافة أنواع الكائنات الحية، لكان يعني حدوث طوارئ وخوارق بعدد هذه الأنواع بما يقدّر بالمليارات، وكأن الخالق يباشر دفعة واحدة بخلق هذا النوع من الكائنات هنا، ثم يفعل الشيء ذاته هناك، أو فيما بعد، وهكذا.. فحتى مع افتراض وجود أنماط وبنى أولية مشتركة واقتضائها خطط وتصاميم بما يتفق والدراسات الجينية المعاصرة، فإن الناتج يعبّر عن حالات من الخوارق المستقلة رغم اختلاف نسختها عن النسخة التقليدية للنظرية الخلقوية. فكل ذلك مستبعد من الناحية الفلسفية، فالعملية أشبه بأن نفسر وجود العناصر الكيميائية ككيانات مخلوقة بشكل مستقل، رغم أنها مؤلفة من ذات الجسيمات الأساسية كالالكترونات والبروتونات. فحتى لو افترضنا انه لم يثبت تحول عنصر إلى آخر لكان من الصعب تفسير وجودها دون رد بعضها الى البعض الآخر. والحال ذاته ينطبق على تعقيدات الحياة وتنوعها، حيث من الصعب تصور نشوئها باستقلالية وفق الخوارق والمعجزات رغم انها تفضي الى المليارات من هذه الحالات بقدر الأنواع ذاتها.
فالنظرة الكلية للظواهر الكونية وتفسير بعضها وفق البعض الآخر تتيح لنا فعل الشيء ذاته عوض افتراض حدوث مليارات العمليات الخارقة التي تفصل بين أنواع الحياة. فهي عملية معقدة تتنافى مع مبدأ البساطة.
المحتويات
مقدمة
القسم الأول: الداروينية والتصميم الأعمى
الفصل الأول: داروين وأصل الأنواع
الفصل الثاني: داروين والانتخاب الطبيعي
الفصل الثالث: داروين والتصميم
انقلاب الموازين
القسم الثاني: الداروينية الجديدة ومنافساتها
الفصل الرابع: جدل التطور ونشأة الداروينية الجديدة
التطور اللاماركي الجديد
التطور الموجّه
التطور الوثبي
نشأة الداروينية الجديدة
الداروينية التركيبية الجديدة
التطور المحايد
الفصل الخامس: الركود والانقطاع في التطور
تاريخ النظرية وبداية الصدمة
عناصر النظرية
1ـ الركود
2ـ التقطع
التوازن المتقطع والداروينية
النوع بين التوازن المتقطع والداروينية
التقطع وقفزة جولدشميدت
التقطع والتنامي الدارويني
تراجع جولد
نقد نظرية التوازن المتقطع
القسم الثالث: الداروينية أزمة لم تتغير
الفصل السادس: جدليات الأدلة الداروينية
1ـ الجغرافيا الحيوية وجدل التفسير
2ـ علم الأجنة وجدل التفسير
3- التشكّل وجدل التفسير
المدرسة النمطية والتطور
النمط البنيوي والتكيف الوظيفي
4ـ الايفو ديفو وجدل التفسير
5ـ تشابه جينات الأنواع القريبة وجدل التفسير
6ـ الحفريات وجدل التفسير
الفصل السابع: المشاكل التي واجهتها الداروينية
1ـ مشكلة الحلقات الوسطى
النمطية ومشكلة التصنيف
2ـ مشكلة نشوء النظم المعقدة
المصادر
1ـ المصادر العربية
2ـ المصادر الانجليزية