-
ع
+

رياضيات اثبات السببية بين علاقة الشد والضرورة

يحيى محمد

ثمة معنيان للزوم السببي في علاقات الظواهر الطبيعية، أحدهما بمعنى الضرورة، ويقصد به ان العلاقة بين ظاهرتين متلازمتين هي علاقة حتمية لا يمكن التفكيك بينهما، فاذا ما وُجدت إحداهما فلا بد من ان توجد الثانية. ويعود هذا المعنى الى المدرسة الارسطية، وقد تمسك به المفكر محمد باقر الصدر في كتابه (الاسس المنطقية للاستقراء). أما المعنى الآخر للزوم فيأتي بمعنى الشد كما نؤسس له، ويفيد بأن العلاقة بين ظاهرتين متلازمتين ليست حتمية، فضلاً عن أنها ليست صدفوية، بل ثمة ما يشدّ إحدى الظاهرتين للأخرى. وللشد مراتب وسطى لا تتناهى بين الصدفة والضرورة، وتعبّر عن مراتب اللزوم: من الحد الأدنى الذي يقع فوق الصدفة إلى الحد الأقصى دون مرتبة الضرورة.

ووفقاً لهذين المعنيين لعلاقتي الضرورة والشد فمن الممكن المقارنة بينهما وفقاً للصيغ الرياضية حسب النقاط التالية:

1 ـ ان التوقعات المستقبلية لظهور أفراد (ب) من خلال ايجاد أفراد (أ) تكون على فرض مبدأ الضرورة - في قبال الصدفة - أعظم مما هو على فرض علاقة الشد، وذلك بإعتبار ان هذه العلاقة تتضمن إحتمال الشذوذ الذي يعني عدم ظهور (ب) حين وجود (أ). لكن مع هذا تظل قيمة إحتمال سببية الشد مساوية لقيمة إحتمال سببية الضرورة مهما زدنا في عدد التجارب الناجحة، فزيادة هذه التجارب لا تغير من جهلنا بحقيقة طبيعة اصل العلاقة الحاكمة بين (أ) و(ب). إلا ان شذوذ تجربة واحدة على الاقل يكفي في نفي العلاقة التي تتضمن الضرورة، ومن ثم تأكيد العلاقة الأخرى.

2 ـ يمكن أن نستخرج بعض الصيغ الرياضية تبعاً لكل من الضرورة والشد. فلو افترضنا الضرورة هي الحاكمة في العلاقات لكان من الممكن صياغة العلاقة الرياضية التي تحدد قيمة إحتمال السببية وفقاً لما جاء في (الاسس المنطقية للاستقراء)، سواء من خلال بديهة الحكومة أو الضرب، وذلك فيما لو لم نأخذ إعتبار العوامل الأخرى التي قد يكون لها أثر في الحساب الرياضي بين (أ) و(ب).

فوفقاً لبديهة الحكومة ان إحتمال السببية في تجربة ناجحة واحدة هو (3\4)، وفي تجربتين ناجحتين (7\8)، وفي ثلاث (15\16)، وفي أربع (31\32)، وهكذا يمكن التعويض عن هذا الاطراد بالقانون التالي:

    2ن+1 – 1

ـــــــــــــــــــــــ      

     2ن +1   

حيث (ن) تمثل عدد التجارب. وبالتالي تكون القيم الإحتمالية للتجارب المتوالية كما يلي[1]:

  2ن+1 – 1

ــــــــــــــــــــ  = 3\4 ، 7\8 ، 15\16، 31\32...

   2ن +1     

كما يمكن التعبير عن الصيغة السابقة باخرى كالتالي:

        ن!                               1

1 - ــــــــــــــــــ × (ح)م × (1- ح)ن-م + ـــــــــــــــــــــــــــ

    م!(ن - م)!                         2ن +1

إذ (م) تعبر عن عدد نجاح التجارب، و(ح) عن إحتمال ظهور الحادثة. إلا انه لما كان من المفروض ان تكون (م) مساوية لـ (ن)، وان (ح) تقدر على الدوام بـ (1\2) فمن الممكن اختصارها كما يلي[2]:

1 - (1\2)م+1

أما في حالة الضرب وعدم قيام الحكومة فالصيغة الرياضية تكون بالشكل التالي[3]:    

     2ن

ـــــــــــــــــ = 2\3 ، 4\5 ، 8\9 ، 16\17...

  2ن +1

لكن تظل الصياغة التي حددها المفكر محمد باقر الصدر لعملية الضرب أوسع تطبيقاً من الصياغة السابقة[4].

***

ولو افترضنا علاقة الشد بدل الضرورة لكانت الصياغات السابقة غير صالحة، وذلك لإحتمال تدخل عوامل الشذوذ والمصادفة المتمثلة بـ (ت). فليس المطلوب استبعاد تدخل هذه الأخيرة في كل تجربة نقيمها، بل المطلوب هو استبعاد ذلك لكل المرات معاً، إذ ان تدخل (ت) في بعض التجارب دون البعض الآخر هو أيضاً مما يثبت سببية (أ) حسب الفهم الإجمالي لعلاقة الشد.

ومن الناحية الرياضية ان الطريقة التي تفسر لنا هذا المضمون هي كما يلي:

من المعلوم انه حسب معادلة برنولي يمكن تحديد القيم الإحتمالية للعلاقات الصدفوية المحضة. فلو قدرنا قيمة ظهور حادثة معينة بـ (1\2) فإن إحتمال ظهورها صدفة في جميع المرات هو (1\2) مضروبة في نفسها (ن) من المرات. لكن حينما لا نعلم ان كان ظهور الحادثة يشكل مصادفة أو لا، فمن حقنا ان نفترض مؤقتاً - من الناحية القبلية - قيمتين متساويتين للسببية والمصادفة، حيث تكون قيمة كل منهما (1\2). لكن حين يتكرر ظهور الحادثة مع (أ) باستمرار، فإن ذلك يفضي إلى استبعاد الافتراض القائم على المصادفة المحضة؛ استناداً إلى معادلة برنولي، في الوقت الذي تتزايد فيه قيمة إحتمال السببية لما تتمتع به من قدرة مشتركة على تفسير حالات الظهور، فتكسب بذلك جميع القيم المحددة للمصادفات، رغم ما يبقى من قيم ضمنية تتمثل في إحتمال وجود عنصر المصادفة في بعض المرات. إلا انه من الناحية الإجمالية هناك قيمة كبيرة لعلاقة الشد تتزايد باطراد. وليست هناك قيمة أخرى تتنافى معها سوى قيمة إحتمال المصادفة المحضة المقدرة بـ (1\2) مضروبة في نفسها من المرات (ن).

فلو اردنا ان نعرف قيمة إحتمال علاقة الشد الإجمالية من خلال أربع تجارب ظهر نجاحها جميعاً، لكانت النتيجة تتعين بواسطة العلم القبلي الذي يحدده افتراض المصادفة كالتالي:

1ـ قيمة إحتمال ظهور الحادثة لمرة واحدة هي (1\2).

2ـ قيمة إحتمال ظهور الحادثة لمرتين هي (1\4).

3ـ قيمة إحتمال ظهور الحادثة لثلاث مرات هي (1\8).

4ـ قيمة إحتمال ظهور الحادثة لاربع مرات هي (1 \16).

ومع نجاح التجارب جميعاً فإن قيمة إحتمال الشد ستكون كالآتي:

بداية تأخذ علاقة الشد الإجمالية جميع القيم التي تحددها علاقة المصادفة. وهذه العلاقة تساوي بالتحديد:

   س م – 1    

ـــــــــــــــــــــ

 س م (س - 1)

حيث (س) هي مقدار عدد العوامل القبلية. لكن عند نجاح جميع التجارب فإن (م) تكون مساوية لـ (ن)، لذا نستنتج من ذلك:

  س م – 1                س ن – 1

ــــــــــــــــــــــ = ــــــــــــــــــــــــــ

 س م (س - 1)       س ن (س - 1)

وفي حالة ظهور بعض الإختبارات الفاشلة، فإن تحديد قيمة كل إختبار منها يتم من خلال اخذ متوسط حساب قيم الإختبارات على فرض نجاحها، أي على فرض التساوي بين (س) المضروبة في نفسها (م) من المرات و(س) المضروبة في نفسها (ن) من المرات، ولو ضربنا هذه القيمة بمرات الفشل لظهرت لدينا قيمة الإختبارات الفاشلة، ومن ثم لو طرحنا القيمة الناتجة من قيمة مجموع الإختبارات على فرض نجاحها، لكان الناتج عبارة عما يتبقى لقيمة الشد. ففي حالة ان العوامل القبلية المحتملة، التي هي (س)، عبارة عن عاملين، فإن العلاقة ستكون كالتالي:

 2ن – 1          (2ن – 1)(ن - م)

ــــــــــــــــ - ــــــــــــــــــــــــــ

    2ن          2ن × ن

ولو كانت العوامل ثلاثة فإن علاقة الشد (ش) تكون:

 3ن – 1           (3ن – 1)(ن - م)

ـــــــــــــــــ - ــــــــــــــــــــــــــ

 3ن × 2          3ن × 2ن

ولو كانت أربعة لأصبحت (ش) مساوية لـ:

 4ن – 1         (4ن – 1)(ن - م)

ــــــــــــــــ - ـــــــــــــــــــــــــــ

 4ن × 3          4ن × 3ن

وعلى العموم تصبح علاقة الشد في صورتها النهائية كما يلي[5]:

     س ن – 1         (س ن – 1)(ن - م)

 ـــــــــــــــــــــــ - ــــــــــــــــــــــــــــــ

 س ن (س - 1)       س ن (س - 1) × ن

وفي هذه العلاقة يلاحظ ان أقل درجة لقيمة الشد هي الصفر، وذلك حينما تكون جميع الإختبارات فاشلة، أي حين تصبح (م = 0). أما مع نجاح جميع التجارب فيمكن الاكتفاء بالطرف الايمن من العلاقة السابقة، بإعتبار ان الطرف الآخر المحدد للإختبارات الفاشلة سيكون مساوياً للصفر تماماً. وهذه العلاقة لا تتدخل في تحديد القيمة الإحتمالية للشكل الثاني من المرحلة الإستنباطية فحسب، بل تحدد أيضاً القيمة العائدة إلى الشكل الأول منها، فوظيفتها في كلا الحالتين هو استبعاد عامل المصادفة من مرات النجاح.

ويفترض أن تكون الإختبارات كبيرة نسبياً قدر الإمكان؛ ليتم التحقق من النتيجة. مع انّا نعترف ان كثرة الإختبارات وقلتها تخضع إلى حد كبير للنسبية. فربما لا تتجاوز الإختبارات عن خمسة، ومع هذا تعتبر كثيرة، في حين قد تكون أكثر من مائة لكنها مع ذلك قليلة. فعادة ان الذين يدرسون التغيرات الوراثية لا يتعاملون إلا مع الأعداد الكبيرة من إختبار الاجيال، بينما الذين يبحثون في التفاعلات الكيميائية يكتفون بعدد قليل من التجارب. وهكذا تخضع المسألة إلى طبيعة الموضوع ونوع الإختبار الذي يجرب عليه. وبدون ان نأخذ هذه المسألة محل الإعتبار فسوف لا نأمن ان تكون النتائج خاطئة. فلو طبقنا العلاقة السابقة على رمي قطعة النقد بعدد قليل من الإختبارات، كإن تكون خمسة فقط، فسوف لا نصل إلى نتيجة مرضية أو مقبولة، إذ لو ظهرت الكتابة في جميع الرميات، لكان يعني ان قيمة إحتمال الشد فيها (31\32)، وهي كبيرة جداً. ولو ان هناك ما يترتب على هذه النتيجة من آثار هامة لكانت الاخطاء جسيمة بسبب ذلك التعامل المحدود.

3 ـ ان تحديد قيمة إحتمال وقوع حادثة مستقبلية بعد نجاح عدد من الحوادث التي من نوعها، يختلف باخذ إعتبار كل من علاقة الشد والضرورة. فطبقاً لمنطق الضرورة تتحدد القيمة الإحتمالية بنفس الدرجة التي تكسبها السببية بين الماهيتين (أ) و(ب) لأي عدد كان من التجارب، شرط نجاحها جميعاً. فليس هناك فرق بين التعميم والتنبؤ بالحادثة المستقبلية، طالما انهما يخضعان إلى ذات الشروط والمتطلبات المذكورة بشأن الدليل الاستقرائي[6]. في حين بحسب منطق الشد، لا يشترط ان تكون التجارب ناجحة كلها، بل يكفي ان تكون هناك تجربة واحدة ناجحة على الاقل من مجموع التجارب المقامة، إذ ان فرض فشل جميع التجارب لا يتيح للحادثة المستقبلية ان تكسب أي درجة ممكنة من الإحتمال، إذ تكون قيمتها صفراً. لذا كان من المستحسن ايجاد علاقة رياضية أخرى لا تأخذ بنظر الإعتبار الفرضين الخاصين بالسببية، وهما فرض الضرورة والشد. إنما يرتكز إحتمال ظهور الحادثة على حالات الظهور السابقة مباشرة، مما يستدعي تفسيراً آخر يختلف عما سبق. وقد سبق ان لاحظنا ان هناك عدداً من الصيغ الممكنة، مثل صيغة لابلاس وغيرها. وهنا يمكن أن نطرح صيغة أخرى مناسبة، وهي ان تعيين قيمة إحتمال الحادثة المستقبلية تكسب إحتمالات جميع المرات التي تظهر فيها مضافة إلى نصف إحتمال ظهورها للمرة القادمة. فلو ظهرت مرة واحدة واردنا ان نعرف قيمة إحتمال ظهورها للمرة القادمة، فسنجد هناك ثلاثة أطراف قبلية محتملة كالآتي:

1ـ ظهور الحادثة في مرة واحدة.

2ـ ظهور الحادثة في مرتين.

3ـ عدم ظهور الحادثة مطلقاً.

ولا شك انه حين تظهر الحادثة مرة واحدة فإن الطرف الأخير سينتفي مطلقاً، ويبقى عندنا طرفان كل منهما يساوي نصفاً، فتكسب الحادثة قيمة الطرف الأول مع نصف قيمة الطرف الثاني، بإعتبار اننا لم نعرف بعد عما إذا كانت الحادثة ستظهر أم لا. وهذا يعني ان قيمة إحتمال ظهور الحادثة بعد تجربة واحدة ناجحة هي (1\2 + 1\4 = 3\4).

ولو نجحت تجربتان واردنا ان نعرف قيمة إحتمال ظهور الحادثة للمرة الثالثة، فهذا يعني اننا سنواجه الأطراف التالية:

1 ـ ظهور الحادثة في مرة واحدة.

2 ـ ظهور الحادثة في مرتين.

3 ـ ظهور الحادثة في ثلاث مرات.

4 ـ عدم ظهور الحادثة مطلقاً.

ومعلوم ان الطرف الأخير سينتفي حين تظهر الحادثة. ومع ظهوها للمرة الأولى ستكسب قيمة إحتمالها، وكذا الحال حين تظهر مرتين، أما ظهورها في المرة الثالثة فسينقسم إلى نصفين أحدهما لصالح الظهور، والآخر لصالح عدمه، مما يعني ان قيمة إحتمال الظهور في المرة الثالثة تساوي:

1\3 + 1\3 + 1\6 = 5\6

على هذا تكون الصيغة الرياضية كالآتي:

 م + 1\2

ـــــــــــــــ

 ن + 1

وهي تعني ان إحتمال الحادثة القادمة عبارة عن مجموع قيم ما تكسبه من حوادث مضافاً إليها نصف إحتمال الحادثة القادمة، مقسوماً على مجموع التجارب. وبتبسيطها تصبح المعادلة كما يلي[7]:

 2م + 1

ــــــــــــــــــ

 2ن + 2

فبحسب هذه الصيغة لو كانت لدينا حادثة ظهرت مرتين خلال أربع تجارب، فإحتمال ظهورها للمرة القادمة ينبغي ان يكون نصفاً، بإعتبار ان حالات الظهور مساوية لحالات العدم، الأمر الذي تكشف عنه الصيغة، وذلك كما يلي:

 2 × 2 + 1

ــــــــــــــــــــــ = 1\2

 2 × 4+ 2 

وإحتمال ظهورها مرتين قادمتين هو: (1\2) مضروبة في نفسها مرتين، أي (1\4). واطراد هذه الصيغة في حالة نجاح جميع التجارب المقامة يصبح كالتالي:

 

 2م + 1           2ن + 1

ــــــــــــــــــ = ــــــــــــــــــ = 3\4 ، 5\6 ، 7\8 ...

 2ن + 2          2ن + 2

وهذه الصيغة تعارض مبدأ القياس الأرسطي. فمثلاً لو قلنا: كل إنسان فان، محمد إنسان، إذاً محمد فان.. نلاحظ ان المقدمة الكبرى مستمدة من المشاهدات السابقة ومعممة على ما لا نهاية له من الحوادث، وقيمة هذا التعميم لا بد أن تتناهى إلى الصفر طبقاً للصيغة السابقة كالآتي:

   2 × عدد كبير جداً + 1

(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ) ≈ صفر

   2 × عدد كبير جداً + 2

كذلك الحال فيما لو طبقنا عليها قانون علاقة الشد. لذا كان لا بد من تحويل التعميم مما هو بصيغة المطلق إلى ما يخضع إلى حد من الحدود. وهو في هذه الحالة بإمكانه ان يكسب قيمة إحتمالية كبيرة، اعتماداً على ما يظهر من نجاح في الإختبارات والمشاهدات. وعند النجاح المطلق تصبح النتيجة حين تطبيق قانون الشد - ذي العامل الثنائي - أعظم مما هي في الصيغة السابقة. فإذا رمزنا إلى مقدار حد التعميم بـ (ق)، والى إحتمال ظهور (م) خلال (ن) بـ (ل)، فإن استخراج حد التعميم بالاستناد إلى قانون الشد يكون كما يلي:

          2ن - 1

ل = (ــــــــــــــــ)ق

           2ن

وبالاستناد إلى الصيغة التي قبلها يكون حد التعميم كالتالي:

            2م + 1

ل = (ــــــــــــــــــــ)ق

          2ن + 2

وفارق القيمة بينهما يرجع إلى فارق إعتبار السببية وعدمها.

4 ـ هناك طريقة للمفكر الصدر يتخلص فيها من مشكلة كبر الإحتمال القبلي لنفي سببية (أ) حين توجد أعضاء كبيرة يحتمل لها السببية دون (أ)، وذلك من خلال حساب إحتمالات الصور المختلفة لسببية (أ) بشكل مباشر وغير مباشر، مما يجعلها تحافظ على قيمتها الأولية وهي النصف[8]. وفي هذه الحالة يمكننا ايجاد حساب رياضي يحدد لنا قيمة إحتمال تلك السببية، فلو كان لدينا عاملان مثل (أ) و(ت) لكانت القيمة الإحتمالية لـ (أ) هي (2\3)، وذلك من خلال الحساب التالي:

1 ـ إحتمال أن تكون (أ) هي السبب المستقل لـ (ب).

2 ـ إحتمال أن تكون (ت) هي السبب المستقل لـ (ب).

3 ـ إحتمال أن تكون (أ) سبباً مشتركاً لـ (ب).

وعليه فقيمة إحتمال سببية (أ) لـ (ب) هي (2\3).

وعلى العموم هناك صيغة رياضية تحدد لنا تلك السببية مع أي عدد ممكن من الأعضاء القبلية المحتملة، فلو افترضنا (س) تمثل عدد تلك الأعضاء لكانت الصيغة تتخذ الشكل التالي[9]:

       2س

ـــــــــــــــــــــ = 1 ، 2\3 ، 4\7 ، 8\15...

  2س+1 - 2

وهذه الصيغة تؤكد على عدم اعطاء قيمة نصفية لصالح سببية (أ)، إذ هي في كل الأحوال تكون أكثر من (1\2). لكن كلما زادت الأعضاء القبلية، فإن إحتمال هذه السببية ستزداد قرباً من النصف، رغم أنها لا تصل اليها.

 5 ـ يواجه الدليل الاستقرائي مشكلة منطقية مستعصية على صعيد التعميم، وان كان من الممكن تخفيفها من خلال التعامل مع العدد المتناهي للحوادث المستقبلية، حيث مع نجاح التجارب الكثيرة باستمرار يمكننا ان نتوقع الحوادث المستقبلية المتناهية بدرجة كبيرة، وكلما توسع نطاق مقدار هذه الحوادث فإن درجة إحتمال وقوعها جميعاً ستأخذ بالانخفاض، حيث تقدر دائماً بضرب قيمة إحتمال أول حادثة مستقبلية بنفسها في عدد المرات التي يراد لها ان تتكرر بنجاح.

واذا تجاوزنا مشاكل التعميم والتنبؤ المستقبلي في الدليل الاستقرائي كالذي سبق عرضه فيما مضى، فإن من الممكن إثبات علاقة السببية الخاصة وإستنتاج الفروض البسيطة وإثبات وجود الأشياء.. الخ، ومن ثم تقدير حالة اليقين الموضوعي لها كما شيّدها المفكر الصدر في مرحلته الذاتية.


[1]           جاء إثبات اطراد الصيغة السابقة ضمن الملحق (3) في كتاب (الاستقراء والمنطق الذاتي).

[2]           جاء إثبات اطراد هذه الصيغة ضمن الملحق (4) في (الاستقراء والمنطق الذاتي).

[3]           جاء إثبات اطراد هذه الصيغة ضمن الملحق (5) في (الاستقراء والمنطق الذاتي).

[4]           انظر ملحق (2) في كتاب (الاستقراء والمنطق الذاتي).

[5]           جاء إثبات اطراد هذه العلاقة ضمن ملحق(6) في (الاستقراء والمنطق الذاتي).

[6]           الاسس المنطقية للاستقراء، ص351.

[7]           لاحظ إثبات اطراد هذه الصيغة ضمن ملحق (7).

[8]           الاسس المنطقية للاستقراء، ص276ـ277.

[9]           جاء إثبات اطراد هذه العلاقة ضمن ملحق(8) في (الاستقراء والمنطق الذاتي).

comments powered by Disqus